ما اشبه الليلة بالبارحة, ومن لم يقرأ التاريخ جيداً لا يستطيع التعامل مع ما يحمله المستقبل من تطورات ومفاجآت...
ما يحدث في القدس الآن, وفي ساحة المسجد الاقصى وحوله, يذكرنا بالانتفاضة الثانية, فعندما فشل الاجتماع الثلاثي (كلينتون, عرفات, باراك) في كامب ديفيد, كان الرد الاسرائيلي في المسجد الاقصى عندما اقتحمه شارون ودنسه مع مجموعة من جنود الاحتلال, وهو الحادث الذي فجر انتفاضة الأقصى...
واليوم, بعد فشل الاجتماع الثلاثي (اوباما, عباس, نتنياهو) في الامم المتحدة, عاد نتنياهو حاملاً نصراً وهمياً, حين اعتقد انه حقق اختراقاً عظيماً بتجاوزه الحاجز الامريكي, واستخدام المحافظين الجدد واللوبي اليهودي للضغط على الادارة الامريكية, واجبارها على التراجع عن شروطها المعلنة بوجوب تجميد الاستيطان...
عاد رئيس حكومة اليمين المتشدد المتطرف ملوحاً بيديه الى اليمين واليسار, وخرج من تحت الارض حيث كان يحفر الانفاق تحت الاقصى, الى سطح الارض بادئاً مرحلة اخرى في مشروع تهديد الاقصى وتهويد القدس, وبدأت قطعان المتطرفين اليهود باقتحام الاقصى تحت حماية جنود الاحتلال, فكان الرد الفلسطيني للاقصى رب يحميه وللقدس شعب يحميها, وتم صد موجة العدوان, بالصدور العارية والمزيد من الدماء...
نتنياهو, يعيش الآن نشوة »الانتصار الوهمي« لانه تحرر من الضغط الامريكي, واطلق الامريكيون يده في الاستمرار ببناء المستوطنات, واثنوا على جهوده, واعتقد انه »ما يسترو« لعبة السلام والحرب في المنطقة, خصوصاً بعدما أقنع نتنياهو العالم والدول العربية, بأن ايران هي »العدو البديل« في المنطقة, وهي التي تهدد السلم في المنطقة والعالم, وليست اسرائيل حسب المزاعم الاسرائيلية والموقف الامريكي والنفاق الاوروبي, وقد دعمت الولايات المتحدة منطقه وموقفه, وطلبت جائزة ترضية هي التطبيع العربي المجاني مقابل قبوله مجرد التفاوض مع السلطة الفلسطينية, بلا شروط وبلا ضمانات...
وفي خضم هذه الاجواء المشحونة والتصعيد الاسرائيلي في القدس والاقصى, نتطلع الى مبادرة اردنية, تتجاوز حدود الشجب واستدعاء القائم بالاعمال الاسرائيلي, فنحن نتطلع الى تحرك اردني سياسي ودبلوماسي على الصعيدين العربي والدولي لتحقيق موقف عربي جدي وفاعل وضاغط لوقف هذه الهجة على الاقصى, ووقف تهويد القدس والحفاظ على هويتها, لان المقدسات تتمتع برعاية اردنية هاشمية, واحتراماً لدماء شهدائنا على اسوار القدس...0