في إحدى المرات، بينما كنت أطلع على ردود القراء على موضوع كنت قد فتحته في منتدى من المنتديات لتوعية الناس بمعاناة إخواننا في غزة وسبل دعمهم، أثار انتباهي رد لأخت مصرية جاء فيه :
"السلام عليكم.. شكرا أخي لاهتمامك ..لكن غزة تحتاج الى أكثر من الدعاية والاعلان أنها منكوبة فالجميع يعلم ذلك.. إنها تحتاج الى عمل ليس إلى كلام.. فلو كان الكلام يجدي لتحررت منذ خطابات عبد الناصر أو غيره ...
والمعرفة هنا لا تنفعها بشيء لأننا جميعا نرى معاناتها على الشاشات وكفانا.. المهم الان هو العمل الفعلي من دعم بالسلاح أو المال او الرجال .. أما بالنسبة لك أرجو أن تكون قد أديت ما عليك بموضوعك الرائع هذا.. فأنت لا حول لك ولا قوة .. كما غيرك من أفراد الشعوب .. وفي النهاية هي فكرة ليست (بطّالة)، بل هو واجبك قد أديته تجاه غزة وأرجو أن يكون في ميزان حسناتك.."
بعدما فرغت من قراءة هذه المداخلة، شعرت بشهية كبيرة للإجابة على سؤال ضمني جاء فيها، وهو كالآتي : هل فلسطين تنصر بالكلام ؟؟
فكان ردي كالآتي :
أولا بارك الله فيك أختي الكريمة على مداخلتك، وأشكرك جزيل الشكر على صراحتك، فكم أحب مثل هاته الردود الصريحة وإن كانت ربما مختلفة عن أفكاري، فهكذا يُغنى النقاش وتكثر الاستفادة.
لنكن متفقين في البداية على أمر وهو أن أي مسلم عاقل لا يستثنى من نصرة إخواننا في فلسطين، فذلك واجب الجميع كل بحسب إمكانياته.
وحتى أكون دقيقا في حديثي، أنا ألمح هنا لدور الشعوب، وأقول إنه دور كبير وهام في نصرة إخواننا في فلسطين..
أتركك الآن أختي أمام مشهدين :
المشهد الأول (أرجو من الله تعالى ألا يكون قريبا من الواقع) : المسلمون غير مهتمون بما يجري بفلسطين.. منشغلون بلقمة العيش ومشاكلهم الشخصية.. منشغلون بمباريات كرة القدم والمسلسلات.. يحسون بالملل من أخبار الأمة الإسلامية في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان... لديهم تصورات مغلوطة عن قضية فلسطين.. لا يحسون بأن لهم أي دور أو واجب تجاهها.. همهم بطنهم لذلك فهم لا يفرقون بين منتوج صهيوني ومنتوج آخر (وكما قيل : من كان همه بطنه، كان قدره مثلما يخرج منها)...
في هاته الحالة : أنى لنا أن نحرر فلسطين ؟؟
المشهد الثاني : أمة على قلب رجل واحد همها تحرير فلسطين وكل شبر محتل من أراضي المسلمين.. في صلواتهم يقنتون لله ويدعونه متضرعين بفك الحصار عن إخواننا في غزة.. في حديثهم يتحدثون عن قضايا الأمة.. يسعون لمقاطعة السلع الصهيونية قدر المستطاع.. يدعمون إخواننا في فلسطين بالدعم المالي الكبير والوافي، وأيضا بالدعم المعنوي بكافة أشكاله.. يحلمون بالنهضة حتى تتقوى بلادهم ويكون صوتها أقوى من صوت الصهاينة والمستكبرين.. يجاهدون أنفسهم ويصلحونها لأن ذلك من أسباب النصر التي يؤكدها ديننا الحنيف...
ولا ننسى أننا أمة المليار وثلث المليار، ولك أن تتصوري ـ يا أختي ـ ما يمكن أن يحققه فعل كل واجب من الواجبات التي ذكرتها. فهل يا ترى حينها سنكون بعيدين عن تحقيق النصر في فلسطين وشتى البلدان الإسلامية المحتلة؟
بعدما أعطيتك صورة عن المشهدين، أسألك يا أختي : أين تقع أمتنا من بين الصورتين؟
أكيد أن الجواب بين المشهدين بشكل يقترب من هذا أو ذاك..
ولعل هذا قد أوضح من جهة أهمية دور الشعوب، ومن جهة أخرى أعطانا صورة عن حال الناس تجاه قضية فلسطين بين اللامبالاة والدور المنشود.
والسؤال الذي أطرحه هنا هو : كيف يتحقق المشهد الثاني ؟
باختصار شديد هذا دور الإعلام، ودور العلماء، ودور الأسرة، ودور التربويين، ودور رواد الأنترنت... إنه دور الجميع من خلال نشر الوعي أولا، وهذا تكون وسيلته الكلام, فالكلام منطلق الوعي، والوعي محرك العمل، أو بعبارة أخرى: الكلام في حد ذاته جزء من العمل.
ولعل هذا هو أيضا دور الفرق الإلكترونية المساندة لقضية فلسطين (كفريق حماة الأقصى) : بث الحماس ونشر المعرفة الصحيحة والتأكيد على العمل.
ولا ننسى أن الناس على دين إعلامهم..
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووووول عن احد المتكلمين