"الله يعطيكم العافية" نحن معكم!..

"الله يعطيكم العافية" نحن معكم!..بقلم: عزت القسوس



حلم كان يراودنا جميعاً ويغوص في أعماقنا، حلم كان يملأ قلب وكيان كل فلسطيني وكل عربي حرّ أن تقوم له دولة، ويرفرف له علم فوق تراب الأرض الفلسطينية المغتصبة، وأن تغوص قدماه وتتعفرا بتراب وطنه، وكانت الحرب تلو الحرب تطارده أينما حلّ وارتحل، وطالما ذاق من ظلم ذوي القربى قبل الغرباء. وطالما حوصر في مخيماته وقتل وطرد، أو قبع في غياهب السجون، وطالما لاحقته الشتائم والمعايير لفقده الهوية والوطن.





.. لقد أصبح الفلسطيني مثل مرض "الكوليرا" الذي ما أن يسمع الناس به حتى يحجزوا عليه، ويستعملون ضده كل المضادات الحيوية، فهذا الفلسطيني يهددهم في عقر دارهم، ويزاحمهم على لقمة العيش، وهو يسعى للوطن البديل، أو للوصول إلى سدة الحكم، وهو أيضاً حرارة الجماهير ومحركهم وقارع ضمائرهم، وهو السهم المؤشر على أوجاع الأمة العربية وانهياراتها، وهو الصوت المرتفع للثورة على الذل والإستعباد.



لقد تعب الفلسطيني من الحروبات والشتات، ومن البحث عن الهوية والوطن، ومن تكالب الأمم عليه ... تعب الفلسطيني من تكسير العظام وفقدان الأهل والولد، ومن هدم البيوت وعذابات السجون ... "لقد آن لهذا الفارس أن يترجل." قلنا نعم للسلم والسلام ولم نقل نعم للإستسلام .. رضينا بالمفاوضات وهرولنا إلى "مدريد" و "أوسلو" ووقعنا في "واشنطن" فالى أين وصل السلام ؟ الفلسطيني ما زال يلهث ويركض وينتظر فاغراً فمه الظمآن لقطارة إسرائيل كي تجود عليه قطرة قطرة دون أن تروي غليله.



نعم دخلت السلطة الفلسطينية إلى بعض مدن الضفة الغربية وليس جميعها كما كنا نريد ونأمل، وأصبح لنا حكومة ووزارة ورجال شرطه ومؤسسات ورفرفت أعلامنا فوق بعض المباني فهللنا وكبرنا وقلنا "أول الغيث قطره" وقلنا أيضاً : لان دخلناها بسلام لهو أفضل من ذبحنا على باب "أريحا" حيث لن ولن ندخلها بفضل وحدة الأمة العربية وقوتها الرهيبة وإبلائها في الحروب .. وقلنا أيضاً : لأن نقف على أرضنا بسلاحنا ورجالنا لهو أعز لنا وأقوى من وقوفنا في أي بلد عربي آخر قد يجردنا من سلاحنا ويطردنا إلى بلد عربي آخر قد يجردنا من سلاحنا ويطردنا إلى العراء.



واليوم، وللأسف الشديد بتنا نسمع في كل لحظة لحناً جديداً وانتقادات محبطه مثبطه لآمالنا وأحلامنا .. وكأننا نحارب أنفسنا بأنفسنا. ولم نكتف بالحروب التي تشنها علينا إسرائيل وأعوانها !! لا أدري كيف يتوقع البعض أن يمسح آثار حروب امتدت أكثر من ستين عاماً في عام أو عامين.. !! ولا أدري كيف يستعجل البعض أن يدخل غزة ومدن الضفة العربية المحروقة المهدمة، فيجدها جنة النعيم، عامره بشوارعها ومزارعها وبناياتها ومؤسساتها وكوادرها وجيشها ومجتمعها وتجارتها. وهي التي ما زال أهلها ينفضون عنهم آثار غبار المعارك ويمسحون دماء الجروح ! بعض الناس، لا يود أن يعطي فرصه أو فسحه لالتقاط الأنفاس، ولا يحب أن يضيء شمعه في الظلام، ولا هو مستعد لأن يحرك يداً أو قدماً لنصرة أبناء بلده أو المساهمة في البناء والتعمير وإنشاء المشاريع أو الوقوف إلى جانب من يعملون بصمت وكبرياء ..



الشعب الفلسطيني هو فلسطيني وليس "سكناجي" ولم يأت من بلد غريب، فهو يخطئ في كل يوم ليصيب ويصوب، وهو يختلف ليأتلف، يكبو لينهض من جديد، يحترق ليخرج من الرماد .. أولى بنا أن نعطيه الثقة والدعم، ونشد على يديه ونشاركه عملية التحرر والبناء لقد آن لنا أن نقول لكل المناضلين الأحرار "الله يعطيكم العافيه" نحن معكم.